بناء قبة الصخرة لأول مرة
بعد قرابة نصف قرن من فتح بيت المقدس بدأ المسلمون يلتفتون باهتمام كبير إلى الصخرة المشرفة الواقعة على صحن مرتفع في ساحة الحرم القدسي الشريف( الصخرة التي يرجح انها عرج منها الرسول صلى الله عليه وسلم ) التي مثلَّت رمزًا مهمًا وقبلة لصلاة المؤمنين خلال زمن طويل، حيث استدعَى الخليفةُ الأموي عبد الملك بن مروان ذوي المعرفة بالبناء والتشييد من المهندسين، وأمرهم ببناء قُبة عظيمة تكون مسجدًا فوق الصخرة المباركة، ورصد لذلك خَرَاجَ مصر لسبع سنوات.
وقد بناه الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان عام 688 للميلاد,وانتهى بناء المسجد عام 691 للميلاد
بدأ العمل في المسجد لإخراج تحفة فنية لا مثيل لها، يشرف عليه مهندسان، قَلَّ التفات الناس إلى اسميهما كمهندسين، مع أن عملهما الرائعَ لفت أنظار الكثيرين، وأخذ بألباب أناس من شتى بقاع الدنيا وعصورها، وهذان المهندسان هما:
1-يزيد بن سلام
2-رجاء بن حيوة الكندي
لقد كان المسلمون حينئذ يرتَقُون بثبات فوق درجات السُّلَّمِ الحضاريّ، ويقدمون للعالم إنجازاتهم في شتى الفنون الحضارية والعلمية، وها هي قبة الصخرة تشهد حتى يومنا هذا على نجاحهم المُبهر في هذه المسألة.
البنـــــــــاء
في البلدة القديمة المسورة بالقدس, وتحديدا, في الزاوية الجنوبية الشرقية منها, يقع المسجد الأقصى المبارك على شكل مساحة شبه مستطيلة فوق هضبة موريا. وتمثل الصخرة المشرفة أعلى نقطة في هذه الهضبة, وتقع في منتصفها مائلة إلى جهة الغرب قليلا, لتمثل بهذا جزءا أصيلا من المسجد الأقصى المبارك
وهي عبارة عن صخرة متصلة بالهضبة من جميع الجهات ما عدا جهة واحدة حيث توجد مغارة صغيرة
قبة الصخرة بناء مثمن الأضلاع ، أربع جهات منها تقابل الجهات الأربع وبها المداخل الأربعة ، ويتوسط البناء الصخرة المشرفة
ويقوم المسجد في وسط بناء مربع الشكل والبناء قائم على تل مرتفع في وسط الحرم ومفروش بالبلاط الأبيض ، وهو فناء الصخرة والذي يسميه عامة الناس سطح الصخرة أو صحن الصخرة ، طوله من الشمال إلى الجنوب 219 ذراعا ومن الشرق إلى الغرب 223.5 ذراعا ، ويبلغ ارتفاعه 12 ذراعا يرقى إليه بمراق متعددة ، في أعلى كل مرقاة منها قنطرة قائمة على أعمدة من الرخام ، ويحيط بالقبة المشرفة تسع مراق لها ثمان قناطر ومرقا بدون قنطرة
قبــــة الصـــــخرة
إنها قبة ضخمة ترتفع في الهواء واحدًا وعشرين مترًا، وقُطرها من الداخل واحد وعشرون مترا أيضًا، تقوم على شكل سُداسيٍّ يكاد يُتم دائرة، وتعتمد على أعمدة رخامية ضخمة، حَملت القبةَ كلَّ هذا الزمن، بكل قوة وفخر، وسجل عبد الملك عملَه هذا فوق القبة بالخط الكوفي، وأرَّخَ له بسنة اثنتين وسبعين للهجرة.
الزخــــــرفة
غطت معظم أروقة وجدران المسجد من الداخل بالفسيفساء
ونلاحظ التنوع في الزخرفة حيث لانرى صيغة متكررة في كل الزخارف.
الوحدة حيث تتداخل جميع العناصر الزخرفية كي تشكل وحدة فنية منسجمة في التكوين ومتحدة في الأسلوب.
احجار الفسيفساء كانت صناعة محلية وتم تنفيذها من قبل سكان البلاد انفسهم.
الكتابات القرأنية في أعلى أقواس المضلع المثمن الأوسط تعتبر اقدم ما كتب من خط عربي جميل اطلق عليه اسم (الخط الجليل) نسبة إلى الجليل .
مجموعة الألواح البرونزية المذهبة التي تغطي بعضها اجزاء من الأبواب الأربعة او الأفاريز الواصلة بين تيجان اعمدة ارواق هي اجزاء فريدة في العالم لأصالتها ولجمالها وغناها الزخرفي، وتسيطر عليها ارواق العنب والعناقيد المعالجة بمهارة متجددة.
هي عبارة عن قطعة ضخمة من الصخر تقع تحت القبة في وسط المسجد ، طولها من الشمال إلى الجنوب حوالي 18 مترا ، وعرضها من الشرق إلى الغرب حوالي أربعة عشر مترا ، وأعلى نقطة فيها مرتفعة عن الأرضية نحو متر ونصف ، وحولها درابزين من الخشب المنقوش والمدهون ، وحول هذا الدرابزين مصلى للنساء وله أربعة أبواب ، يفصل بينه وبين مصلى الرجال سياج من الحديد المشبك
المغـــــــارة
وتقع تحت الصخرة ، وينزل إليها من الناحية الجنوبية بأحد عشر درجة ، وشكلها قريب من المربع وطول كل ضلع حوالي أربعة أمتار ونصف ، ولها سقف ارتفاعه ثلاثة أمتار ، وفي السقف ثغرة اتساعها متر واحد وعند الباب قنطرة مقصورة بالرخام على عمودين
ادعاءات صهيونية
وكما ادعى الصليبيون, سابقا, حقا دينيا في بيت المقدس وصخرته, ادعى الصهاينة -الذين احتلوا البلدة القديمة بالقدس منذ سنة 1387هـ / 1967م- حقا مماثلا. وتروي التوراة التي بأيدي النصارى واليهود الآن أن قصة الفداء تتعلق بإسحاق بن إبراهيم, عليهما الصلاة والسلام, وأنها تمت على صخرة البيت المقدس لا البيت الحرام. لذا, يعتبرها اليهود خاصة, قبلتهم, ويسمونها "قدس الأقداس" في معبدهم المزعوم الذي يقولون إنه في موضع المسجد الأقصى المبارك.
والحق أن المسجد الأقصى المبارك, بكل أجزائه بما فيها الصخرة, مقدّس لدى المسلمين منذ حدّد بيتا لعبادة الله الواحد الأحد لأول مرة بعد أربعين عاما من المسجد الحرام, كما نص على ذلك الحديث النبوي المعروف. وقد عمره كثير من أنبياء الله تعالى ورسله, ومنهم إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود عليهم الصلاة والسلام, كما جدد بناءه سليمان عليه الصلاة والسلام. والأمة المصدقة بجميع هؤلاء الأنبياء, وبخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم, هي الأولى بهؤلاء الأنبياء جميعا, لأن الصلة الحقيقية بهم لا تقوم على رابطة النسب, وإنما على رابطة العقيدة التي تجمع بين المؤمنين بها من مختلف الأجناس وعلى مر العصور والأيام.