القلب السليم والفوز بالجنه
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "القلب السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه...".
إذا أراد أحدنا أن يعرف منزلته عند الله تعالى فلينظر إلى منزلة الله في قلبه التي تكشف بدورها عن نسبة السلامة في هذا القلب.
عن أمير المؤمنين عليه السلام:"من أحب أن يعلم كيف منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده فإن كل من خيِّر له أمران أمر الدنيا وأمر الآخرة فاختار أمر الآخرة على الدنيا فذلك الذي يحب الله ومن اختار أمر الدنيا فذلك الذي لا منزلة لله عنده".
وإذا لم تكف هذه العلامة، فإن هناك علامتين مميزتين يستطيع أحدنا أن يعرف بهما منزلة الله عنده:
1- فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" علامة حب الله تعالى حب ذكر الله وعلامة بغض الله تعالى بغض ذكر الله عز وجل ".
2- وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "القلب المحب لله يحب كثيراً النَّصَب (التعب) لله، والقلب اللاهي عن الله يحب الراحة، فلا تظن يا ابن آدم أنك تدرك رفعة البر بغير مشقة، فإن الحق ثقيل مُرّ".
الطريق إلى حب الله أو القلب السليم
يبدأ الطريق إلى حب الله من نفس النقطة التي يبدأ فيها ترك حب الدنيا،فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حب الدنيا وحب الله لا يجتمعان في قلب أبداً"،وعن أمير المؤمنين عليه السلام: " كيف يدّعي حب الله من سكن قلبه حب الدنيا ".
وهكذا نستنتج أن الحب التام المكتمل لله تعالى لا يجتمع مع حب الدنيا في قلب أبداً، أما إذا سكن حب الدنيا قلبه واستقر فيه فإنه لن يتذوق حلاوة حب الله تعالى على الإطلاق، حيث ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: " كما أن الشمس والليل لا يجتمعان، كذلك حب الله وحب الدنيا لا يجتمعان "، وعنه عليه السلام: " من أحب لقاء الله سلا عن الدنيا ".
الإكثار من ذكر الموت يقرب من الله تعالى
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من أكثر ذكر الموت أحبه الله ".
ومن الواضح أن الطريق إلى حب الله أو القلب السليم، طويل، مليء بالكبد، محفوف بالمخاطر، ولذا اعتُبِر "الجهاد الأكبر".
ويتوقف سلوكه على:
1- معرفة الواقع.
2- وتطهير القلب.
أما الأول: فلأن الواقع غيب أكثر من كونه شهادة، فعالم الشهادة إذا قيس بعالم الغيب لا يكاد يذكر، والواقعي الوحيد في هذا الوجود هو الذي يدرك هذه الحقيقة فيعطي الدنيا كل ما تستحق، ويعطي الآخرة كل ما يستطيع، فيزهد في الدنيا ويكتفي بأخذ "نصيبه" منها، وهذا يعني أنه يرصد كل " ما آتاه الله " للآخرة أي يبذله في سبيل الله تعالى فيعمل على إعمار الدنيا كما أراد سبحانه يقارع الظلم وينتصر للمستضعفين والمحرومين باعتبار ذلك جزءاً من العبادة التي أمر بها الحق عز وجل.
وأما الثاني: - تطهير القلب - فلأن عدم تطهيره وتزكيته هو سبب الانزلاق والانحدار في دركات حب الدنيا والرضا بها والاطمئنان إليها.
ولا يسقط المسلم في هوّة سوء العاقبة فجأة وبلا مقدمات، بل ثمة عوامل تتفاعل في قلبه ونفسه حتى يواجه هذا المصير الكارثة، وهذه العوامل هي الأمراض القلبية في مجالي المعتقد والأخلاق، وما لم يحظ قلب كلٍّ منا بالرعاية الدائمة في هذين المجالين فإنه مهدد بسوء العاقبة دون شك، قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون﴾. (سورة الروم الآية:10)
"اللهم طهّر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة ونفسي من العجب.. يا أرحم الراحمين".