عندما ينطق الحجر

عندما ينطق الحجر

النحات الايطالي
جان لورينزو برنيني
Gian Lorenzo Bernini
1598--1680
وتمثال
نشوة القديسه تيريزا

جان لورينزو برنيني كان احد النحاتين
الايطاليين في عصر الباروك وقد تجلت
موهبته في جميع ما انجز من اعمال ولكن تلك الموهبة وصلت اوج عظمتها
عندما فرغ من انجاز التمثال الذي اطلق عليه اسم
نشوة القديسه تيريزا
والتمثال يصور قصة عشق صوفيه روتها الراهبه الاسبانيه الشهيره القديسه
تيريزا في كتاب سيرتها الذاتيه حيث تقول
رايت ذات ليلة ملاكا جميلا يقف بجواري وفي يده رمحا طويلا من الذهب
والراس الحديدية المدببة للرمح بدات وكانها تشتعل نارا
لقد غرز الرمح وسط قلبي لينفذ الى داخل احشائي وعندما سحب الرمح
احسست وكانه يسحب احشائي معه ايضا ليتركني وانا
اشتعل كلي بحب الرب
لقد كان الالم عظيما جدا لدرجة جعلتني ابدا بالانين ورغم ذلك كانت اللذة
التي اجدها في ذلك الالم فوق الوصف الى الحد الذي كنت اتمنى فيه ان لا
اتخلص من ذلك الالم
لقد حول برنيني هذه القصة الى تمثال من الرخام يفوق الوصف وبفضل
عبقريته يحس من يشاهده عن كثب وكانه لحم بشري ناعم قد لا ينطبق
عليه وصف العمل النحتي بمعناه التقليدي
ان هذا النحت يكاد يقرب الى الصورة المشهديه المكونة من نحت ورسم
واضواء وهو يعبر عن رؤية النحات التي تتداخل مع العناصر المعماريه
والزخرفيه ضمن فراغ هندسي تنصهر فيه القيم
الجماليه وتتوحد
في المشهد تبدو الراهبة مرتدية ثوبا يغطيها من الراس الى القدمين اما
الملاك فيظهر وقد انحسر رداءه عن احد منكبيه بينما راح الضوء الخفيف
يتسلل عبر النافذة المفتوحة خلفهما وحالة النشوة هنا يمكن ان يعبر عنها
شلال الخيوط الذهبيه المتساقطة من اعلى اكثر من تعابير الوجه
وارتعاشة
اليدين والقدمين
لقد اضاف النحات في استخدامه اللون الذهبي لونا اضفى على
هذا النحت لونا قدسيا
وفي التمثال يبدو الملاك المجنح وهو يسحب السهم من جسد الراهبة
بينما تتراجع متثاقلة الى الوراء بفم مفتوح وعينين مغمضتين
وقدمين
عاريتين تحت تاثير الشعور بالافتتان والنشوه
ان التدقيق في هذا النحت يجعل المشاهد ماسورا بهذه الروعة وتلك
التفاصيل التي تنفذ الى روح الانسان وكانها صوت سماوي
وقد نجح برنيني باستخدام لعبة الضوء لاول مرة بان سلطه من النافذة
التي باعلى الكنيسة على جسد القديسه تيريزا ليبدو وكانه نور الهي
جان لورينزو برنيني كان قد اخذ عن ابيه المثال الفلورنسي النحت
واخذ من امه النابوليه حدة العاطفة وحرارة الايمان
في عام 1606 دعي الاب الى روما للعمل في كنيسة سانتا ماريا
هناك درج جان الابن في جو النحت الكلاسيكي والفنون وافتتن
بتماثيل
الفاتيكان
عين جان بعد ذلك كبير معماري كنيسة القديس بطرس وهو في الحادية
والثلاثين من عمره وكان في عمله يمزج بين العمارة والنحت والتصوير
في كنيسة سانتا ماريا ديللا جمع جان قطع الرخام الاخضر والازرق والاحمر
واطلق العنان
لخياله ليبني مصلى الكورنارو ذو الركائز المحززة والاعمدة
الرشيقة وقد اودعها اعظم تماثيله الا وهو تمثال القديسة تيريزا وهي منهكة
القوى غائبة عن الوعي في نوبة من الوجد الصوفي وملاك حلو يتاهب لشق
قلبها بسهم ملتهب رمزا لاتحاد القديسة مع الاله
انه بهذا العمل الرائع كان قد جعل الحجر
يتكلم