غنى النفس أغنى من البحر
بسم الله الرحمن الرحيم..
اللهم صلٍ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك عدوك وعدوهم ياقادر ياعظيم يالله..
عن الإمام الصادق عليه السلام: "غنى النفس أغنى من البحر"
1. اذا ثبت أن الإنسان صاحب إرادة يستطيع أن يغير سلوكه وخلقه النفسي، يطرح سؤال: ما دام حديثنا عن النفس وغناها ما هو الذي يقوي النفس وما الذي يضعفها؟ وبعبارة أخرى: ما هو الذي يقوي إرادة النفس، وما الذي يضعفها؟ فإن جهاد النفس والسيطرة عليها هو غناها، فكيف نسيطر عليها؟
ما يقوي إرادة النفس
1 - إن من أهم الأمور التي تقوي الإرادة بل هو أساس الإرادة (العقل) وتنميته بالتفكر والتدبر، فالعلاقة قوية بين العقل والإرادة، فكلما كان التعقل قويا كانت الإرادة أقرب إلى القوة، وإذا هبط عنصر التعقل كانت الإرادة أقرب إلى الضعف.
إن من أهم الأمور في تدعيم الإرادة أن لا يعطل الإنسان عقله، هذا العقل الذي يتفكر ويوازن الأمور فيعرف أن يصل إلى الحقيقة والصواب.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن أول شروط مجاهدة النفس والسير باتجاه الحق، هو التفكر ... " ، والتفكر أداته العقل، فمن لا عقل له لا تفكر له.
2 - الأمر الآخر الذي هو نتيجة تفكر العقل (الإيمان بالله تعالى وبالآخرة والثواب والعقاب) فإن الإيمان الحقيقي القوي دعامة قوية لتقوية وتثبيت الإرادة، فمن لا إيمان له لا صبر له ولا إرادة، والعكس صحيح.
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الصبر (وهو إرادة) من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان "3 - من الأمور المساعدة على تقوية إرادة النفس العبادات الواعية لا العبادات الجافة، الصلاة والصوم والدعاء وقراءة القران العظيم. مثلا يقول تعالى: ) إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ( (العنكبوت: 45) فنلاحظ أن عبادة الصلاة تقوي إرادة الإيمان، فينتهي الإنسان العابد عن الفحشاء والمنكر
4 - السيطرة على الخيال، هذا الخيال مهم جدا السيطرة عليه، لأننا نعرف أن مقدمة السقوط في المعاصي هو التفكر فيها وتخيلها بما تتضمنه من ملذات وتزيينات.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن الشرط الأول للمجاهد في هذا المقام (جهاد النفس) والمقامات الأخرى ، والذي يمكن أن يكون أساس التغلب على الشيطان وجنوده، هو إمساك طائر الخيال، لأن هذا الخيال طائر متحلق يستقر في كل آن على غصن ويجلب الكثير من الشقاء.
وإنه من إحدى وسائل الشيطان التي جعل الإنسان بواسطتها مسكينا عاجزا ودفع به نحو الشقاء. وعلى الإنسان المجاهد ... أن يمسك بزمام خياله وأن لا يسمح له بأن يطير حيثما يشاء، وعليه أن يمنع من التحليق في الخيالات الفاسدة والباطلة، والمعاصي والشيطنة، وأن يوجه خياله دائما نحو الأمور الشريفة. وهذا الأمر ولو أنه قد يبدو في البداية صعبا بعض الشي ء، ويصوره الشيطان وجنوده لنا وكأنه أمر عظيم، ولكنه يصبح يسيرا بعد شي ء من المراقبة والحذر ... ".
5 - ومن الأمور التي تساعد على السيطرة على الخيال وحديث النفس (ذكر الله تعالى) لأن الخيال والنفس إذا لم يملئا بذكر الله فيخشى أن يملئا بالأهواء النفسية والخيالات المنحرفة.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "ومن الأمور التي تعين الإنسان وبصورة كاملة في مجاهدته للنفس والشيطان ... هو (التذكر) ... والذكرى في هذا المقام، هي عبارة عن ذكر الله ونعمائه التي تلطف بها على الإنسان ... " .
6 - ومن الأمور الضرورية للمجاهد (المشارطة والمراقبة والمحاسبة)، فالمشارط هو الذي يشارط نفسه في أول يومه على أن لا يرتكب اليوم أي عمل يخالف أوامر الله، ويتخذ قرارا بذلك ويعزم عليه ... وبعد هذه المشارطة عليك أن تنتقل إلى "المراقبة"، وكيفيتها أن تنتبه طوال مدة المشارطة إلى عملك ... وأما "المحاسبة" فهي أن تحاسب نفسك لترى هل أديت ما اشترطت على نفسك مع الله ... إذا كنت قد وفيت حقا، فاشكر الله على هذا التوفيق ... فواظب على هذا العمل فترة، والمأمول أن يتحول إلى ملكة ...
7 - (علو الهمة وبعد الهدف) فكلما كان هدف الإنسان في حياته ساميا كلما سمت إرادته، وهذا يدخل في باب (نية الإنسان) فإن بياناتك مهمة في نية الانسان تفعيل إرادته أما ما يضعف الإرادة تستطيع أن تقابل ما ذكرنا سابقا بأضدادها ... فالجهل، وعدم الإيمان بالله واليوم الآخر، والاستسلام للخيال المنحرف والوساوس الفاسدة وحديث النفس المتسافل، ونسيان الله وعدم ذكره، وعدم مراقبة النفس ومحاسبتها، وتسافل الهمة وفقدان الهدف العالي، والنية السيئة، وترك العبادات، كلها أسباب تنتج ضعف الإرادة النفسية. بالإضافة إلى كثرة المعاصي، فكلما ازداد الإنسان في المعاصي كلما ضعفت إرادته وكلما ابتعد عن المعاصي كلما قويت إرادته، ) كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ( (المطففين: 14).
ومن أشد المعاصي تأثيرا على ضعف الإرادة شرب الخمر وتعاطي المخدرات وسماع الأغاني المحرمة التي تثير الشهوات، وتنسي الله تعالى، وتربط الإنسان بالدنيا وتنسيه الآخرة.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "وإن التجرؤ على المعاصي يفقد الإنسان تدريجيا العزم ويختطف منه هذا الجوهر الشريف يقول الأستاذ المعظم ويقصد المرحوم الشاه آبادي (رض): (إن أكثر ما يسبب فقد الإنسان العزم والإرادة هو الاستماع للغناء ...) "
. ومما يضعف العزم والإرادة أيضا، البيئة الفاسدة والمجتمع المنحرف والصداقات غير الصابرة والإعلام الفاسد.
اسالكم الدعااء