بسم الله الرحمن الرحيم..
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك عدوك وعدوهم بقدرتك وعظمتك يا قادر يالله..
ورد في المناجاة الخامسة للإمام زين العابدين (عليه السلام) : « وَاَبْتَهِلُ اِلَيْكَ بِعَواطِفِ رَحْمَتِكَ ، وَلَطائِفِ بِرِّكَ ، اَنْ تُحَقِّقَ ظَنّي بِما اُؤَمِّلُهُ مِنْ جَزيلِ اِكْرامِكَ ، وَجَميلِ اِنْعامِكَ فِي الْقُرْبى مِنْكَ ، وَالزُّلْفى لَدَيْكَ ، وَالَّتمَتُعِّ بِالنَّظَرِ اِلَيْكَ » .
فكيف يتم التمتع بالنظر إلى جلاله ، وإن كان بالقلب فكيف يتم ذلك.؟ كما ورد في نفس المناجاة:
« وارِداً شَريعَةَ رِفْدِكَ، مُلْتَمِساً سَنِيَّ الْخَيْراتِ مِنْ عِنْدِكَ، وافِداً اِلى حَضْرَةِ جَمالِكَ، مُريداً وَجْهَكَ، طارِقاً بابَكَ، مُسْتَكيناً لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ، فَافْعَلْ بي ما اَنْتَ اَهْلُهُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَلا تَفْعَلْ بي ما اَنَا اَهْلُهُ مِنْ الْعَذابِ وَالنَّقْمَةِ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ».
فما هي شريعة رفد الله ؟ وما هي حضرة جماله ؟
الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
في ما يخصّ السؤال الأوّل : يمكننا القول بأنّ التمتّع بالنظر إليه تعالى إنّما يتّم من خلال تهذيب النفس و تصفية القلب ، و التسليم له في أمره و نهيه ، و تقوى الله في السّر و العلانية ، فليس هناك أعظم من (التقوى) في كلّ المجالات التي يعيشها الإنسان : { وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } {الأعراف/26} ، و المتّقون هم الفائزون يوم القيامة { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } { القمر/55} ، فهم في المحضر الربّوبي يتمتّعون بالنظر إلى جلاله ، و يحظون برضاه و رضوانه : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ} {التوبة/72}
فالعالم كلّه حاضر لديه تعالى ، والإنسان يعيش دوماً في محضره ، فليحاول أن لا يعصي الله في محضره ، وعند ذاك يشعر بالتمتّع بالنظر إليه تعالى .
و في ما يخصّ السؤال الثاني: فإنّ (الشريعة) عبارة عن الطريق المؤدّي إلى النهر أو البحر و (الرفد) معناه العطاء ، و التعبير تعبير أدبي رائع عن حاجة هي من أهمّ حاجات الإنسان ، و هي عبارة عن أن يسلك الإنسان في حياته دائماً الطريق المؤدّي إلى عطاء الله و رفده ، و لا يقع في الطريق المؤدّية ـ
و العياذ بالله ـ إلى سلب النعم عنه ، وإيكاله إلى نفسه ، وأن يكون وفوده دائماً وفوداً إلى المحضر الربّوبي فلا يفد في حياته على غيره تعالى ، و هذان إنّما يتوفّران للإنسان إذا أخلص نيّته ، وإتقّى الله فعند ذاك يوفقّه الله ، و يسدّده ، و ينير الدرب أمامه ، و يأخذ بيده إلى هذه الشريعة و يمهّد له الوفود عليه : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا }{العنكبوت/69}...