حول شخصیه الامام العسکری علیه السلام
ولادة الإمام العسكري ( عليه السلام )
وُلِد الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) بالمدينة المنورة ، وذلك في الثامن من ربيع الثاني 232 هـ ، وهناك أقوال أخرى في ولادته .
مكانة الإمام العسكري ( عليه السلام ) في قلوب الناس
كان ( عليه السلام ) كآبائه الكرام علماً لا يخفى ، وإماماً لا يجهله أحد من أهل عصره ، فكان استاذ العلماء ، وقدوة العابدين ، وزعيم السياسة ، يُشار إليه بالبنان ، وتهفو إليه النفوس بالحب والولاء ، ففرض نفسه حتى على حكّام عصره وخصومه .
فهذا أحد مخالفيه يصف جانباً من مكانة الإمام ومقامه الاجتماعي ، ومدى تعلق الناس به واحترامهم له اذ يقول : عندما ذاع خبر وفاة الإمام ( عليه السلام ) حدثت ضجة في سامراء وعطّلت الأسواق ، وتوجّه الناس بمختلف طبقاتهم الى مكان الجنازة ، وكأن القيامة قد قامت في المدينة .
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
• قال ابن الصبّاغ المالكي: (مناقب سيّدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنّه السري ابن السري، فلا يشكّ في إمامته أحدٌ ولا يمتري، واعلم انّه لو بيعت مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري، واحد زمانه من غير مدافع ونسيج وحده من غير منازع، وسيّد أهل عصره وإمام أهل دهره، أقواله سديدة وأفعاله حميدة، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة، وان انتظموا عقداً كان مكان الواسطة الفريدة، فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبيّن غوامضها فلا يحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدّقائق بفكره الثاقب، المحدّث في سرّه بالأمور الخفيّات الكريم الأصل والنفس والذات، تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه بمحمدٍ (صلى الله عليه وآله)، آمين).
قال الشبلنجي: (حدّث أبو هاشم داود بن قاسم الجعفري، قال: كنت في الحبس الذي في الجوشق أنا والحسن بن محمد، ومحمّد ابن إبراهيم العمري، وفلان وفلان خمسة أو ستّة، إذ دخل علينا أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكري وأخوه جعفر فحففنا بأبي محمد وكان المتولّي للحبس صالح بن يوسف الحاجب، وكان معنا في الحبس رجلّ أعجميّ فالتفت إلينا أبو محمد وقال لنا سرّاً: لولا ان هذا الرجل فيكم لأخبرتكم متى يفرّج الله عنكم، وهذا الرّجل قد كتب فيكم قصّة إلى الخليفة يخبر فيها بما تقولون فيه وهي معه في ثيابه يريد الحيلة في إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شرّه،
قال أبو هاشم: فما تمالكنا أن تحاملنا جميعاً على الرجل ففتّشناه فوجدنا القصّة مدسوعة معه في ثيابه، وهو يذكرنا فيها بكل سوء فأخذناها منه وحذّرناه وكان الحسن يصوم في السّجن فإذا أفطر أكلنا معه من طعامه، قال أبو هاشم: فكنت أصوم معه فلما كان ذات يوم ضعفت من الصوم فأمرت غلامي فجاء لي بكعك فذهبت إلى مكان خال في الحبس فأكلت وشربت ثمّ عدت إلى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحدٌ فلما رآني تبسّم وقال: أفطرت، فخجلت فقال: لا عليك يا أبا هاشم إذا رأيت انّك قد ضعفت وأردت القوّة فكل اللحم فإن الكعك لا قوّة فيه،
وقال: عزمت عليك أن تفطر ثلاثاً فإن البنية إذا أنهكها لا تتقوّى إلا بعد ثلاث، قال أبو هاشم: ثمّ لم تطل مدّة أبي محمد الحسن بن علي في الحبس بسبب انّ قحط الناس بسرّ من رأى قحطاً شديداً فأمر الخليفة المعتمد على الله بن المتوكّل بخروج الناس إلىالاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيّام يستسقون، فلم يسقوا فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرّهبان وكان فيهم راهب كلّما مدّ يده إلى السماء هطلت بالمطر ثمّ خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أوّل يوم، فهطلت السماء بالمطر فعجب الناس من ذلك وداخل بعضهم الشكّ وصبأ بعضهم إلى دين النصرانية، فشقّ ذلك على الخليفة فأنفذ إلى صالح بن يوسف ان أخرج أبا محمد الحسن من الحبس وائتني به فلما حضر أبو محمد الحسن عند الخليفة،
قال له: أدرك أمّة محمد (ص) فيما لحقهم من هذه النازلة العظيمة، فقال أبو محمد: دعهم يخرجون غداً اليوم الثالث، فقال له: قد استغنى الناس عن المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم؟ قال: لأزيل الشكّ عن الناس وما وقعوا فيه فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضاً في اليوم الثالث على جاري عادتهم وان يخرج الناس فخرج النصارى وخرج معهم أبو محمد الحسن ومعه خلق من المسلمين فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون وخرج راهب معهم ومدّ يده إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم أيضاً كعادتهم، فغيّمت السماء في الوقت ونزل المطر فأمر أبو محمد الحسن بالقبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فإذا بين أصابعه عظم آدمي فأخذه أبو محمد الحسن ولفّه في خرقة، وقال لهم: استسقوا فانقشع الغيم وطلعت الشمس فتعجّب الناس من ذلك.
وقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمد؟
فقال: هذا عظم نبيّ من الأنبياء ظفر به هؤلاء من قبور الأنبياء وما كشف عن عظم نبيّ من الأنبياء تحت السماء إلاّ هطلت بالمطر فاستحسنوا ذلك وامتحنوه فوجوده كما قال، فرجع أبو محمد إلى داره بسرّ من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة، وسرّ الخليفة والمسلمون بذلك وكلّم أبو محمد الحسن الخليفة في إخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم واطلقهم من أجله، وأقام أبو محمد بمنزله معظماً مكرماً وصلات الخليفة والعامة تصل إليه في كلّ وقت، نقله غير واحد
علم الإمام العسكري ( عليه السلام ) و عبادته
علم الإمام
عاش الإمام العسكري ( عليه السلام ) في القرن الثالث الهجري ، و هو قرن كانت المدارس الفكرية قد اكتملت فيه شخصيتها ، خصوصاً في مجال الفقه ومذاهبه ، والتفسير والكلام واصول الفقه ، والفلسفة والحديث وغيرها .
وقد تحددت معالم مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) من خلال النشاطات العلميّة للإمام العسكري ( عليه السلام ) إذ قام بإعداد ثلة من الرواة والتلاميذ ، وما قام به من مراسلات ومحاورات واجوبة على المسائل المختلفة ، وما روى من أحاديث ، وبث من علوم ومعارف ، فقد نقلت عنه ( عليه السلام ) ذلك كتب الاحاديث والتفسير ، والمناظرة وعلم الكلام وغيرها .
عبادة الإمام
لا شك أن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) هم قدوة الامة في العبادة ، والإخلاص لله عزّوجل ، وواضح أن من أبرز العناصر المقوّمة للإمامة هو عنصر الإخلاص لله سبحانه ، والتعلق به دون سواه ، وإن من أبرز معالم هذا الإخلاص والعبودية لله في حياة البشرية ، هو العبادة والتسليم لإمر الله سبحانه .
وقد ورد في كثير من الروايات التي وصلتنا أنها تتحدث عن عبادة الإمام العسكري ( عليه السلام ) كما تحدثت عن عبادة آبائه ( عليهم السلام ) ، ومن أهمها ، الروايات التي تحدثت عن عبادته ( عليه السلام ) وكيفية تعلقه بالله عزّوجلّ حتى عندما كان في السجن .
وفي الحقيقة ان هذه الصورة تعيد الى الاذهان صورة جدّه الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) عندما كان في سجن هارون الرشيد ، وهو يقول : ( إني دعوت الله أن يفرغني للعبادة ففعل ) .
وقد روي عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) عندما أودع السجن أيام الحكم العباسي ، أنّه كان يصوم نهاره ويقوم ليله ، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير عبادة الله سبحانه
كلمات الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام )
وردت عدّة كلمات قصار للإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) ، نذكر بعضاً منها :
1ـ قال ( عليه السلام ) : ( خير إخوانك من نسي ذنبك ، وذكر إحسانك إليه ) .
2ـ قال ( عليه السلام ) : ( أضعف الأعداء كيداً من أظهر عداوته ) .
3ـ قال ( عليه السلام ) : ( حسن الصورة جمال ظاهر ، وحسن العقل جمال باطن ) .
4ـ قال ( عليه السلام ) : ( أولى الناس بالمحبّة منهم من أمّلوه ) .
5ـ قال ( عليه السلام ) : ( من آنس بالله استوحش الناس ، وعلامة الأنس بالله الوحشة من الناس ) .
6ـ قال ( عليه السلام ) : ( جعلت الخبائث في بيت ، والكذب مفاتيحها ) .
7ـ قال ( عليه السلام ) : ( إذا نشطت القلوب فأودعوها ، وإذا نفرت فودّعوها ) .
8ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللحاق بمن ترجو خير من المقام مع من لا تأمن شرّه ) .
9ـ قال ( عليه السلام ) : ( الجهل خصم ، والحلم حكم ، ولم يعرف راحة القلوب من لم يجرّعه الحلم غصص الصبر والغيظ ) .
10ـ قال ( عليه السلام ) : ( من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة ) .
11ـ قال ( عليه السلام ) : ( المقادير الغالبة لا تدفع بالمغالبة ، والأرزاق المكتوبة لا تنال بالشره ، ولا تدفع بالإمساك عنها ) .
12ـ قال ( عليه السلام ) : ( نائل الكريم يحببّك إليه ويقرّبك منه ، ونائل اللئيم يباعدك منه ويبغضك إليه ) .
13ـ قال ( عليه السلام ) : ( من كان الورع سجيته ، والكرم طبيعته ، والحلم خلّته كثر صديقه ، والثناء عليه ، وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه ) .
14ـ قال ( عليه السلام ) : ( السَهر ألذّ للمنام ، والجوع أزيد في طيب الطعام ) .
15ـ قال ( عليه السلام ) : ( المؤمن بركة على المؤمن ، وحجّة على الكافر ) .
16ـ قال ( عليه السلام ) : ( قلب الأحمق في فمه ، وفم الحكيم في قلبه ) .
17ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض ) .
18ـ قال ( عليه السلام ) : ( من تعدّى في طهوره كان كناقضه ) .
19ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما ترك الحقَ عزيزٌ إلاّ ذلّ ، ولا أخذ به ذليل إلاّ عزّ ) .
20ـ قال ( عليه السلام ) : ( صديق الجاهل تعب ) .
21ـ قال ( عليه السلام ) : ( خصلتان ليس فوقهما شيء : الإيمان بالله ونفع الإخوان ) .
22ـ قال ( عليه السلام ) : ( جرأة الولد على والده في صغره تدعو إلى العقوق في كبره ) .
23ـ قال ( عليه السلام ) : ( ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون ) .
24ـ قال ( عليه السلام ) : ( خير من الحياة ما إذا فقدته بغضت الحياة ، وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت ) .
25ـ قال ( عليه السلام ) : ( رياضة الجاهل وردّ المعتاد عن عادته كالمعجز ) .
26ـ قال ( عليه السلام ) : ( التواضع نعمة لا يحسد عليها ) .
27ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا تكرم الرجل بما يشقّ عليه ) .
28ـ قال ( عليه السلام ) : ( من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه ) .
29ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما من بلية إلاّ ولله فيها نعمة تحيط بها ) .
30ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذلّه )